بروفسور أنور ريان، القائم بأعمال رئيس أكاديمية القاسمي، ومختص بمجال معلوماتية اكتشاف الأدوية يسلط الضوء حول مصداقية تصريح ترامب حول تطوير دواء للفيروس وبين طرق مواجهة الفيروس وينصح الجميع في ظل الظروف الراهنة بتحمل المسؤولية والانصياع الى تعليمات وزارة الصحة. بالإضافة الى العزل الاجتماعي (خاصة كبار السن فوق جيل 70 وأصحاب الأمراض المزمنة والمدخنين)، عدم المصافحة والمحافظة على بعد مترين على الأقل أثناء التقاء الأخرين عند اللزوم (في العمل أو عند قضاء الحوائج)، المحافظة على النظافة وغسل اليدين قبل تناول الطعام وبعده، تناول أطعمة صحية والتركيز على الخضار، الفواكه والحمضيات التي فيها دعم لجهاز المناعة غنية بالفيتامينات ومضادات الأكسدة. البرتقال والليمون والكيوي والفلفل الأصفر والبندورة والبازيلاء هي نماذج من الأطعمة الغنية بالفيتامين ج، أحد الفيتامينات المهمة لمحاربة الراديكالات الحرة ومعاونة جهاز المناعة في تحصين الجسم من الأمراض.
المقال:
ما بين تصريح ترامب حول تطوير دواء لفيروس كورونا وعيد ميلاد شام
ابنتي الصغيرة شام ابنة التسعة أعوام منشغلة هذه الأيام بالتفكير كيف ستؤثر تعليمات العزل الاجتماعي على عيد ميلادها الذي يصادف 6 نيسان. وبينما كنت بالأمس ليلا جالسا مع أفراد العائلة نتجاذب أطراف الحديث حول مواضيع متعددة، كانت شام منشغلة بتصفح الفيسبوك اذ وقع نظرها على تصريح لرئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب حول تطوير دواء جديد لفيروس كورونا. توجهت الي تسأل عن حقيقة الأمر وان كان ذلك يعني انها تستطيع الآن دعوة صديقاتها لعيد ميلادها التاسع. قرأت بتمعن تصريح ترامب وكانت المفاجأة. شخص يقف على رأس أعظم دولة في العالم (الولايات المتحدة الأمريكية) مسؤولة عن تطوير أكثر من نصف الأدوية الجديدة، يصرح تصريحا يعارضه الخبراء في مجال الأدوية معتقدا أن تطوير دواء جديد يمكن أن يكون بنفس مسار الاستثمار بعقار في فترة الأزمات. الإحساس هو الموجه (أنظر الرابط)
https://www.statnews.com/2020/03/20/trump-coronavirus-drug-just-a-feeling/
رأيت من الصواب أن أكتب هذه السطور لأوضح حقيقة الأمر في عهد اختلط به الحابل بالنابل وأمست الحقيقة بها مغيبة وكبار الساسة يصرحون في عهد الفيسبوك كل على هواه.
تحدث ترامب عن دواء يدعى هيدروكسي كلورو كوين (Hydroxychloroquine) المصادق عليه كمضاد للملاريا وبغياب دواء معتمد لعلاج مرضى الكورونا صادقت الجهات المختصة بعدة دول منها إيطاليا، فرنسا وكوريا الجنوبية على تجربة الدواء على البشر. بين المصادقة على التجربة والتصريح بإيجاد دواء جديد مسار طويل لا يقل عن عام ونصف الى عامين في أفضل الحالات. لأن أي دواء جديد يمر بثلاث مراحل من التجارب السريرية قبل المصادقة علية واعتماده كدواء. إذا كان الدواء مصادق عليه كما هو حال هيدروكسي كلورو كوين ويدور الحديث عن طلب اعتماده لعلاج مرض أخر بنفس الجرعات المصادق عليها فيمكن دمج المرحلة الأولى والثانية. هذا سوف يختصر المدة ببضعة أشهر. بقي أن نذكر أن فقط 10% من الأدوية التي تدخل المرحلة الأولى من التجارب السريرية تنجح للوصول في نهاية المطاف الى السوق ويصادق عليها كأدوية معتمدة. أكثر الأدوية تفشل اما لقلة نجاعتها في علاج المرضى أو لكثرة وشدة الأعراض الجانبية التي تسببها.
ما هي الأدوية التي قيد التجارب السريرية المضادة لفيروس كورونا المستجد (COVID-19)؟
بالإضافة الى هيدروكسي كلورو كوين، هناك دواء أخر تحت اسم ريمديسيفير (Remdesivir) أعلنت شركة غيلياد ساينسز قبل أربعة أيام بدأ التجارب السريرية عليه. هذا الدواء تم تطويره بالأساس لعلاج فيروسات سارس SARS وميرس MERS وهي فيروسات من نفس عائلة فيروس كرورونا المستجد. بالإضافة الى الدواءين الكيميائيين سالفي الذكر، هناك مضادات حيوية جرى تطويرها من قبل عدة شركات، منها مضاد حيوي جرى تطويره في ألمانيا وبدأت قبل بضعة أيام تجربته على 45 شخص معافى لتحديد الجرعة والأعراض الجانبية. مضاد حيوي أخر طورته احدى الشركات الصينية كذلك قيد التجربة في المرحلة الاولى في الصين. نتائج المرحلة الأولى لهذه المضادات قد تظهر مع نهاية شهر أيار المقبل ومن غير المتوقع المصادقة عليها كدواء قبل عام 2021.
ماذا نعمل في هذه المرحلة لمحاربة الفيروس؟
الوقاية من الإصابة بالفيروس والحد من انتشاره هو الأمل الوحيد في هذه المرحلة. نعم، عرفت البشرية في السنوات الأخيرة فيروسات قاتلة أكثر من فيروس كورونا المستجد. فيروس السارس أصاب في العام 2002 8098 شخص وأدى الى وفاة 774 منهم (نسبة الموت 9.6%). فيروس الميرس أصاب في العام 2012 2494 شخص وأدى الى وفاة 858 منهم (نسبة الموت 34%). فيروس الايبولا أصاب في العام 2014 28639 شخص وأدى الى وفاة 11316 منهم (نسبة الموت 39.5%). خطورة فيروس كورونا المستجد مقارنة بالفيروسات أنفة الذكر ليس في نسبة الموتى من المصابين والتي تقارب ال 4.2% حتى هذه اللحظة، انما في سرعة انتشاره وتحوله الى وباء عالمي. حتى كتابة هذه السطور (صبيحة يوم الأحد 22-3-2020) وبحسب موقع منظمة الصحة العالمية أصيب 267013 شخص من 185 دولة وتوفي منهم 11201. ما أدى الى رفع نسبة الموتى من المصابين بفيروس كورونا المستجد هو عجز الجهاز الصحي بتقديم العلاجات في المجتمعات التي تفشى فيها الوباء بصورة كبيرة. لتقليل خطر الموت من الإصابة تسعى الدول لمنع تفشي الوباء وإبقاء عدد المصابين محصور بأرقام يمكن للجهاز الصحي التعاطي معها (عملية تسطيح المنحنى). الدولة الإيطالية فشلت في ذلك ولم يعد جهاز الصحة هناك قادرا على تقديم المساعدة والعلاج اللازم لجميع المصابين، وأصبح الطبيب يقف أحيانا أمام معضلة أخلاقية وأمام خيار صعب لاختيار من يعالج ومن يتركه لقدره يصارع الموت من غير علاج. نسأل الله العفو والعافية وألا نصل بمجتمعاتنا الى مثل هذا الحال. لمثل هذا يتوجب علينا جميعا تحمل المسؤولية والانصياع الى تعليمات وزارة الصحة. بالإضافة الى العزل الاجتماعي (خاصة كبار السن فوق جيل 70 وأصحاب الأمراض المزمنة والمدخنين)، عدم المصافحة والمحافظة على بعد مترين على الأقل أثناء التقاء الأخرين عند اللزوم (في العمل أو عند قضاء الحوائج)، المحافظة على النظافة وغسل اليدين قبل تناول الطعام وبعده، تناول أطعمة صحية والتركيز على الخضار، الفواكه والحمضيات التي فيها دعم لجهاز المناعة غنية بالفيتامينات ومضادات الأكسدة. البرتقال والليمون والكيوي والفلفل الأصفر والبندورة والبازيلاء هي نماذج من الأطعمة الغنية بالفيتامين ج، أحد الفيتامينات المهمة لمحاربة الراديكالات الحرة ومعاونة جهاز المناعة في تحصين الجسم من الأمراض.
الكاتب: بروفسور أنور ريان، القائم بأعمال رئيس أكاديمية القاسمي، ومختص بمجال معلوماتية اكتشاف الأدوية. بادر الى تأسيس عدة شركات مختصة بتطوير أدوية جديدة منها شركة بيبتيكوم (Pepticom LTD) بالتعاون مع الجامعة العبرية وأخرين، شركة جين أرست GeneArrest LTD) وشركة أي دي دي للأدوية (IDD Therapeutics LTD) في إطار الحاضنة التكنولوجية NGT في الناصرة.