ألقى رئيس أكاديمية القاسمي، بروفيسور أنور ريّان، يوم الأربعاء 17-5-2023 محاضرة في قسم الكيمياء في جامعة بار إيلان بعنوان “تقنيّات محاكاة في الحاسوب تسهّل عمليّة اكتشاف الأدوية وتطويرها” وذلك بحضور عشرات المحاضرين والباحثين وطلبة الماجستير والدكتوراة.
تمحورت المحاضرة حول المنهجيّات المبتكرة التي تهدف إلى تعزيز كفاءة اكتشاف المركّبات النّشطة بيولوجيًا والتّحديات الكبيرة التي تجري مواجهتها، والتي – غالبًا – ما تحتاج إلى تكاليف عالية ووقت طويل، وللتغلّب على هذه العقبات يستخدم بروفيسور ريّان تقنيّات متطوّرة لتسخير قوة النمذجة الحاسوبية من أجل تبسيط عملية اكتشاف الدّواء، ويتضمن هذا النهج الاستفادة من خوارزميات متقدّمة جدا شارك هو شخصيًّا في تطويرها، وتحديدًا خوارزميّة محرّك التّعلم الذّكيّ (Intelligent Learning Engine) وخوارزميّة الحذف العشوائيّ التّكراريّ (Iterative Stochastic Elimination)، وهي خوارزميات قادرة على إجراء مسوحات لفضاءات متّعددة الأبعاد وغاية في التّعقيد الحسابي واكتشاف الحلول لها.
تمّ عرض تطبيق هذه التّقنيات المبتكرة في عدّة مشاريع محدّدة خلال المحاضرة؛ شملت فهرسة الموادّ الكيميائيّة حسب نشاطها الحيويّ (Indexing chemicals for their bioactivity)، وتحديد الموادّ الطّبيعية النّشطة بيولوجيًا من المستخلصات النّباتية من خلال الفصل الموجّه حاسوبيا، واكتشاف مركّبات قائدة (lead compounds) جديدة لعلاج السرطان، وتصميم جزيئات جديدة (triplex forming molecules) ترتبط مع الحمض النوويّ مزدوج الشريطة وتهدف إلى تثبيط عمل الجينات.
كان أحد الإنجازات المهمّة التي تمّت مناقشتها هو التّقييم الشّامل لمركّب قائد جديد يعرف باسم باكليتاكسيل-ليبوات Paclitaxel-Lipoate. من خلال الدّمج الكيميائي للباكليتاكسيل، وهو دواء مستخدم كمضادّ للسّرطان مع حمض ليبويك، وقد تمكّن الباحثون من تخفيف الآثار الجانبيّة الهامّة المرتبطة بالباكليتاكسيل، وأشارت النتائج التي أجريت على الفئران إلى أن باكليتاكسيل ليبوات يمكن أن يوفّر خيارًا علاجيًا أكثر فعاليّة وأمانًا للسرطان، مع نافذة علاجيّة أوسع مقارنة بسابقه.
يذكر أنّ النّتائج المشجّعة لهذه الدّراسات تستلزم مزيدًا من البحث السّريري على باكليتاكسيل-ليبوات كمرشّح جديد لعلاج السرطان؛ من خلال الدّمج السّلس لتقنيّات المحاكاة في الحاسوب (in-silico techniques) مع التّحقّق التّجريبيّ الصّارم، ومما تجدر الإشارة إليه أن بروفيسور ريّان سلّط الضّوء على الإمكانات الهائلة لتسريع اكتشاف المركّبات النّشطة بيولوجيًا لمختلف الأمراض (مضادات البكتيريا، مواد مكافحة الالتهاب والسّكري…) وتطويرها.
بعد المحاضرة، عقد بروفيسور أنور ريّان اجتماعات مثمرة مع عدد من أعضاء هيئة التّدريس في قسم الكيمياء في جامعة بار إيلان، كان أبرزهم بروفيسور آري جروزمان، وبروفيسور جيل جووبس، وبروفيسور شارون روثستين، وبروفيسور هانوخ سيندروفيتش، وبروفيسور يردين تشيل، وقد تناولت المناقشات التّحدّيات التي تواجه مجال تطوير الأدوية الجديدة، واستكشفت إمكانيات تعزيز التّعاون البحثيّ بين الباحثين، ومن المهمّ الإشارة إلى أنّ هذا التّبادل عالي المستوى للمعرفة والأفكار بين الباحثين؛ بالإضافة إلى الاستفادة من خبراتهم ومواردهم الخاصّة المتوفّرة يمهّد الطّريق لتعاون مستقبلي في اكتشاف الأدوية وتطويرها.
